تقرير: بي بي سي
اشترت جيسيكا هايز لنفسها فستان زفاف، وطرحة، وخاتما. لكن عندما وقفت عند المذبح بمواجهة الأسقف خلال مراسم دينية مهيبة، لم يكن إلى جانبها عريس لقد كانت تتزوج من المسيح.
جيسيكا، البالغة من العمر 41 عاما، قررت أن تصبح بتولا أو عذراء مُكرّسة، أي تنضم لمجموعة نساء داخل الكنيسة الكاثوليكية يرغبن في أن يقدمن أنفسهن عرائس للمسيح.
وخلال المراسم، ترتدي المرأة فستانا أبيض اللون كثوب الزفاف، وتتعهد بأن تحافظ على عفتها مدى الحياة وألا تنخرط في علاقات جنسية أو حُب كما يرتدين خاتم زواج، وهو رمز للزواج من المسيح.
وتقول جيسيكا “غالباً ما يسألني الناس: “هل أنت متزوجة؟ عادة ما أقدم توضيحا موجزا بأنني أشبه بالراهبة، أي أن هناك التزاما كاملا تجاه المسيح، لكنني أعيش في هذا العالم”.
وبخلاف الراهبات، لا تعيش المتبتلات في مجتمعات مغلقة، ولا يرتدين ملابس خاصة، بل يعشن حياة علمانية، ويعملن ويعتمدن على أنفسهن تقول جيسيكا التي تعيش في ولاية إنديانا الأمريكية “أعمل معلمة منذ 18 عامًا، وأُدرّس في نفس المدرسة الثانوية التي درست فيها”وخارج العمل، تكرس جيسيكا معظم وقتها للصلاة الخاصة والتكفير عن الذنوب. وتقدم تقارير إلى أسقف، وتجتمع بصفة منتظمة مع مستشارها الروحي.
وتقول “أعيش في حي عادي، وأذهب إلى الأبرشية التي تبعد ميلين فقط عن منزلي، وأنا جاهزة لمساعدة العائلة والأصدقاء. ثم أقوم بالتدريس، لذا فأنا محاطة بأشخاص خلال النهار، ولكنني أكرس وقتا خاصا للمسيح ضمن جدولي”.
وحتى ضمن الكنيسة الكاثوليكية، فإن المتبتلات مجموعة غير معروفة على نطاق واسع، وهو ما يرجع جزئيا إلى أن الكنيسة أقرت هذا الأمر قبل أقل من خمسين عاماً فقط.
لكن مفهوم الحفاظ على العذرية قائم منذ فجر الكاثوليكية. ففي القرون الثلاثة الأولى بعد الميلاد، ماتت كثيرات كشهيدات أثناء محاولة البقاء مخلصات للمسيح.
وكان بينهن أغنيس الرومانية التي ورد أنها قتلت بسبب رفضها الزواج من حاكم روما حفاظا على حياة العفة ثم تراجعت هذه الممارسة في العصور الوسطى، لكنه عاد إلى الحياة في عام 1971 حين أقر الفاتيكان العذرية الأبدية للنساء بوصفها نمط حياة تطوعيا داخل الكنيسة.
وبالنسبة لجيسيكا، لم تفكر في أن تصبح بتولا حتى قابلت مستشارة روحية “بدأت بطرح الأسئلة الصحيحة عليها”… اتخذت جيسيكا قرارها في عام 2013، وتم إعلانها بتولا بعد عامين.
وتقول “على الرغم من أن مهامي لاتزال ذاتها، فإن الأمر اختلف لأن الارتباط بالمسيح كزوج أمر مختلف تمامًا عن الارتباط به كصديق” وهي واحدة من بين 254 من “عرائس المسيح” في الولايات المتحدة، بحسب الجمعية الأمريكية للعذراوات المُكرّسات.
وهناك 4000 بتول على الأقل في العالم، وفقا لمسح في عام 2015. ويقول الفاتيكان إنه حدثت طفرة في مثل هذه العهود “في مناطق جغرافية متنوعة للغاية”.
دخلت جيسيكا في علاقات رومانسية في الماضي، لكنها تقول إن تلك العلاقات لم تضف شيئا إليها وتضيف “ظننت أنه حان الوقت للحياة الزوجية والتي هي رغبة طبيعية للغاية بالنسبة للإنسان. لذا بدأت بالمواعدة لكن لم أكن جدية أبدًا”.
من شأن العيش في مجتمع يمنح الأمور الجنسية أهمية أن يشكل تحديًا كبيرا للعذراوات اللاتي يخترن الابتعاد عن العلاقات الجسدية إلى الأبد وتقول جيسيكا “أعتقد أن أصعب شيء هو سوء فهمنا؛ حيث ينظر لنا على أن خيارنا عكس الثقافة السائدة”.
وتضيف “يتعجب الكثيرون، ويقولون لي (أنت مثل الشخص العازب). لذا علي أن أشرح أن المسيح هو علاقتي الأساسية، وأن ما أقوم به هو منحه جسدي”… في يوليو/ تموز الماضي، تسببت مجموعة جديدة من المبادئ التوجيهية التي نشرها الفاتيكان ببعض الإرباك بين المتبتلات.
كانت القضية المطروحة هي ما إذا كانت النساء اللاتي يخترن الالتزام بهذا بحاجة لأن يكن حافظن على العذرية حتى موعد المراسم.
وعكس الراهبات اللاتي يقطعن عهود التبتل ابتداء من اليوم الذي دخلن فيه إلى هذا النظام الديني، يتوقع من عرائس المسيح المتبتلات أن يكن عذراوات مدى الحياة.
وجاء في مادة مثيرة للجدل أن الفاتيكان طلب من المتبتلة “إبقاء جسدها في حالة مثالية أو أن تكون قد اتبعت العفة بطريقة مثالية”، وأن هذا أمر مهم، لكنه ليس شرطًا “أساسيًا” وجدت رابطة المتبتلات الأمريكية التي تنتمي إليها جيسيكا أن هذه المبادئ التوجيهية “مخيبة للآمال”.
وقالت الرابطة في بيان إنه “من الصادم أن نسمع من الكنيسة الأم أن العذرية الجسدية لم تعد تعتبر شرطا أساسيا” وتقول جيسيكا إنها تتمنى لو كان هناك “وضوح أكثر” في الوثيقة، إلا أنها سعيدة لأن رئيس الكنيسة الكاثوليكية ركز على التبتل.
وتضيف “ما زالت الوثيقة تقول إن المرشحات لأن يصبحن متبتلات يجب ألا يكن متزوجات أو قمن بانتهاك علني أو صارخ للعفة” لكنها تقول “ربما كان هناك حدث وقع صدفة في الماضي كامرأة تعرضت للاغتصاب وبالتالي ليست عذراء، ولكن لم يكن ذلك خيارها”.
وترى جيسيكا أن الأمر يصب في النهاية في صالح تشجيع اتخاذ هذه الحالة بين الكاثوليكيات وتقول “ربما تزداد هذه الحالات لأن هناك حاجة لأن يعيش أشخاص في مثل هذا الالتزام الخالص للمسيح. ربما يكون هذا ما تحتاجه الكنيسة الآن”.