في نبرات صوتها الواهن حزن الدنيا كلها .. بين أناتها حرقة أم فقدت ضناها .. تبكي بحرقة .. تتحدث بحرقة .. تصمت .. تبكي .. قلبك ينخلع حزنا معها .. دموعك تسبق دموعها .. بح صوتها وتجمد صراخها ..
شحب لونها .. وتتلعثم الحروف في جوفها .. وبطعم الحزن والحرقة تخرج الكلمات من أم الطفلة مليكة التي قتلها سائق باص مدرسة الرضوى الحديثة في 6 أكتوبر بالجيزة لحظة نزولها منه وذهابها للحضانة ..
هذه الأم المكلومة التي فقدت ضناها .. طفلتها ذات الأعوام الثلاثة .. على يد سائق باص المدرسة ومشرفة الباص .. مأساة .. جريمة .. فاجعة .. لا يشعر بها إلا كل أم وكل أب وكل إنسان ..
بحق من أنطق عيسى في المهد .. بحق الطبيعة .. بحق كل ما هو عزيز عليكم ولديكم ما ذنب مليكة حتى تقتل .. مليكة نزلت مع أخيها عبد الرحمن من الباص .. المشرفة المجرمة تركت مليكة ذات الثلاث سنوات وعبد الرحمن ذو الخمس سنوات ينزلان من الباص ويعبران الشارع للحضانة .. عبد الرحمن حمل حقيبته وحقيبة حبيبته مليكة .. خمس ثوان فقط فصلته عن الموت .. نزلت خلفه مليكة وقبل أن تمضي من أمام الياص سفك دمائها الطاهرة السائق .. لم ينظر السائق السفاح ولا المشرفة المجرمة ولم ينتظر حتى تعبر مليكة من أمامه دهسها بكل جبروت ..
شقيقها الطفل عبد الرحمن : يا مامي الباص دهس مليكة وداس دماغها ومخها طلع برة .. يصرخ بأعلى صوته .. ثم يهدأ صوته: مليكة هتروح الجنة واحنا هنروح النار يا مامي …
المدرسة تتصل بوالدة الطفلة .. المشرفة كانت شايلة مليكة وهي نايمة بتعديها الشارع ووقعت بيها .. مليكة فيها إصابة بسيطة والمشرفة في العمليات .. الأم تجري للمستشفى والأب يلحق بها .. مشهد مروع .. الدماء تغطي ملابس المشرفة .. والمدرسة تواصل الأكاذيب : بنتك اتخبطت راسها في الرصيف بس الحمد لله ..
فيديو تم تصويره من خلال كاميرا مراقبة في فيللا مجاورة للحضانة .. مليكة قتلها سائق الأتوبيس .. دهسها وقتل البراءة .. قتل الرحمة .. قتل السكر .. قتل الأمل .. قتل كل شيء جميل .. قتل الحياة ..