برلين: مونت كارلو
يمثل شاب عراقي أمام محكمة في فرانكفورت الألمانية بتهمة قتل طفلة من الأقلية الأيزيدية بعدما استعبدها مع والدتها، بينما تمثل زوجة المتهم جنيفر فينيش منذ عام أمام محكمة في ميونيخ التي تدينها بمشاركة زوجها الجريمة المروعة التي ارتكباها في مدينة الفلوجة العراقية في العام 2015.
تعد هذه المحاكمة من بين الإجراءات القضائية الأولى في العالم ضد جرائم ارتكبها تنظيمُ الدولة الإسلامية في حق الأيزيديين، وتتواجد هذه الأقليةُ في شمال العراق منذ آلاف السنين، وبدأ جهاديو تنظيم الدولة الاسلامية اضطهادَها بعد غزو منطقة سنجار في العام 2014.
ويقف أمام المحكمة الإقليمية العليا لفرانكفورت الألمانية أحد الضالعين في هذه الجرائم، ويتعلق الأمر بشاب عراق يدعى طه ويُرمز الى لقبه بال- ج، يبلغ من العمر 37 سنة، يتهمه القضاءُ الألماني بخطف أم رفقة ابنتها التي كانت تبلغ من العمر خمس سنوات فقط، بعد غزو سنجار و بيعهما في سوق الرقيق عدة مرات، إلى أن استعبدهما هذا الجهادي بين نهاية أيار/مايو وبداية حزيران/يونيو من العام 2015، ونقلهما إلى الفلوجة شمال البلد حيث تعرضتا لأبشع إشكال الاضطهاد بما في ذلك التجويع، وقد عوقبت الطفلةُ رانيا بعد تبولها في فراش هذا الشخص، فقام بربطها بنافذة خارج المنزل الذي كانت محتجزة فيه مع والدتها، وسط درجة حرارة تبلغ الخمسين مئوية، لتموت الطفلة الصغيرة عطشا تحت شمس الصيف الحارقة، بينما أجبرت الأم على المشي حافية في الخارج ما سبب لها حروقا خطيرة في قدميها.
وأفادت الناجية بكل هذه الشهادات أمام القضاء الألماني خلال محاكمة زوجة الجهادي التي تدعى جنيفر فينيش، وتُستأنف محاكمة هذه الجهادية في ميونيخ هذا الشهر. وتتكفل بالدفاع على والدة الطفلة المحامية اللبنانية البريطانية آمال كلوني والأيزيدية ناديا مراد صاحبة جائزة نوبل للسلام. ويتهم الزوجان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وتهريب بشر.
وحسب محضر الاتهام، فإن المتهمَ التحق بصفوف التنظيم المتطرف في العام 2013، وشغل فيه وظائفَ عديدة بالرقة السورية ثم في العراق وتركيا، ليُعتقل في اليونان في 16 مايو أيار العام الماضي، ثم سُلم في 9 أكتوبر تشرين الأول من العام نفسه إلى السلطات الألمانية التي اعتقلته مباشرة وتُحاكمُه اليوم رفقة زوجته.
قبل العام 2014، كان 550 ألف أيزيدي يعيشون في العراق، وهو ما يشكل ثلث الأيزيديين المنتشرين في العالم، لكن تعرض الآلاف منهم إلى الإبادة الوحشية والاستعباد واحتجاز آلاف الفتيات والنساء كسبايا على يد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية قبل ستة أعوام، أي بعد وصول مقاتلي التنظيم المتطرف إلى أراضي هذه الأقلية في إقليم سنجار بمحافظة نينوى العراقية، وخطف الجهاديون أكثر من 6400 من الأيزيديين، بينما تمكّن 3200 منهم من الفرار وتم إنقاذ بعضهم، وما زال مصير الكثير منهم مجهولاً حتى الآن، كما تمكن 100 ألف أخرين من الهروب إلى المنفى ولا سيّما إلى ألمانيا.
وبخروج الآلاف من أبناء هذه الإثنية الضاربة جذورها في الشرق الأوسط، تصبح المنطقة مهددة بإفراغها من تنوعها الاثني والديني والعرقي والحضاري.