أنا شربت حشيش يا سعاد … هذا هو حال المعلمين والطلاب وأولياء الأمور من التغييرات التي أدخلها الدكتور الباشمهندس طارق شوقي وزير التربية والتعليم بعد أن حوّل العملية التعليمية إلى دوائر مغلقة وبئر سحيق: الداخل مفقود والخارج منها بـ «يفك» الخط بالعافية ولديه توحّد ويحتاج علاج نفسي …
إنشغل الوزير طارق شوقي بمحاربة السناتر والدروس الخصوصية وهو هدف نبيل بالطبع .. لكنه وفي سبيل ذلك قتل الأم والجنين وطاقم التمريض كاملا حتى يثبت نظرية الـ «بوروروم» التي إصطنعها لتطوير التعليم في مصر فكانت النتيجة أن كل من حاول أن يفهم ما أصاب العملية التعليمية راح يصرخ بأعلي صوته: أنا شربت حشيش يا سعاد !!!
أنظمة التعليم في كل دول العالم معروفة وثابتة وأصبحت مثل ما هو معلوم من الدين بالضرورة والإجتهاد فيها يجعلها شيء مسخ وهو ما حدث في التعليم المصري حاليا تحت زعم التطوير … جاء الوزير بشهادة ثانوية عامة غير موجودة في جميع أنظمة التعليم مؤداها أنه للحصول على شهادة الثانوية العامة لابد من أن يدرس الطالب ثلاثة أعوام قمرية ويدخل الإمتحان 12 مرة فأصبحت الثانوية العامة ثلاثة شهادات … أولى وثانية وثالثة وبمعنى أدق تفرق دم الثانوية العامة على 3 مراحل …
الثانوية العامة هي شهادة تؤهل الطالب إلى دخول الجامعة والتخصص ليكون قادرا على الإندماج في سوق العمل ويرتقي بوطنه … وبناء عليه فإن معظم دول العالم إستقرت على أن تكون شهادة العبور من التعليم بعد الأساسي للتعليم الجامعي والتي يطلق عليها الثانوية العامة أو الدبلومة الأمريكية أو الشهادة البريطانية أو البكالوريا كورس محدد الإطار والمضمون وفي منهي البساطة والوضوح ويراهن على نسبة التحصيل دون التقيد بالزمن …
وضعت دول العام إطار حاكم للإلتحاق بالجامعة من خلال الإستقرار على عدة مناهج موحدة وثابتة لجميع الطلاب ومناهج مؤهلة للكليات ذات التخصص العلمي أو الفني أو غيرها .. بمعنى : كورس الثانوية العامة أو ما يعادلها في العالم أن يجتاز جميع الطلاب الإمتحان في 12 مادة مثلا كأساس للحصول على الشهادة علاوة على إجتياز الإختبارات في المواد المؤهلة للتخصص .. دون التقيد بثلاث سنوات من خلال جدول ينظم عملية الإمتحانات بناء على رغبة الطالب والمواد التي يرغب في أن يمتحن فيها .. والنتيجة يحسمها: إمتحانات وما يمكن أن نسميه أعمال السنة التي تقيس تفاعل الطالب أثناء الدراسة والإختبارات الشهرية …
ما يحدث في العملية التعليمية في مصر حاليا هو تحويل العملية التعليمية غلى سوق سوداء للتعليم .. اللي م معوش ميلزموش .. فمدارس الدولة التي كانت مجانية لم تعد مجانية والكتب المدرسية باتت تباع في السوق السوداء ودور المعلم هو «التأمل» وليس الشرح والمدارس للكورة والحفلات بعد أن باعت الوزارة المناهج إلى شركات الإتصالات والإنترنت … فهل يهدف الوزير أو الدولة إلى إلغاء مجانية التعليم وخلق تعليم خاص ودولي موازي لدكاكين المدارس الخاصة التي يديرها تجار شنطة ومقاولين وبائعين ألبان وتجار فراخ … طارق شوقي وزير التربية والتعليم يعرف الإجابة …
المصير الغامض الذي ينتظره التعليم في مصر وإن كانت ملامحه المبدئية أن التعليم سيكون مدفوعا مقدما لا يعرفه إلا الوزير طارق شوقي … وبعيدا عن الإشتغالات أو البالونات التي يصدّرها الوزير لأولياء الأمور وجروبات الماميز والمعلمين بقصد إلهائهم بعيدا عما يهدف إليه الوزير وينفذه بحرفية عالية وبمنتهى الدقة دون أن يعطي سر اللعبة التي يقوم بها في العملية التعليمية لأحد …
براعة الوزير طارق شوقي باعتباره رجل سياسي محنك وعقلية علمية عالمية نجحت في إلهاء الرأي العام وعزله عما يرمي إليه الوزير .. تارة بإطلاق بالونات لجروبات الماميز .. وتارة بإصطناع جدل حول أمور مشبهات لإلهاء المعلمين وتارة بمغازلتهم وثالثة بإصطناع ضجة حول تصريحات تطلقها «نسوة من المدينة» اللاتي يحركهن مثل قطع الشطرنج من مستشاريه أو ممن أسند لهن مواقع قيادية بلا مضمون ليشغلهم في إنتاج ضجيج بلا طحين.. لكن يبقى الهدف الذي يسعى الوزير طارق شوقي الوصول إليه غامض حتى الآن .. وتبقى كل معلومات الجميع إلا طارق شوقي : أنا شربت حشيش يا سعاد على رأي عادل إمام وأبودومة في فيلم كراكون في الشارع عندما قال لأحد مريديه: لما تبقى قعدة حلوة زي كدة أقولك يمين تبقا شمال …