
رضا حجازي
لا يختلف إثنان على أن حجم التحديات التي يواجهها الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم كبيرة وخطيرة وأن الشيلة ثقيلة .. هذا واقع والدكتور رضا حجازي نفسه جزء من واقع العملية التعليمية ومعايش لجميع فواجعها وليس غريبا عن التعليم فهو معلم ومسئول بالوزارة لفترة طويلة قبل أن يكون وزير ..
لدينا مدارس تشكو للسماء منذ عشرات السنين إهمال وعدم وجود إمكانيات وبلا مقاعد أو ديسكات وإن وجدت فهي مهلهلة وعمرها من عمر جد التلميذ الذي يجلس عليها ومباني عتيقة تسقط وتنهار من تلقاء نفسها لأن عمرها الإفتراضي انتهى ..
لدينا فصول تشبه التوابيت يتم حشر التلاميذ فيها بالعشرات ولا يوجد بها تهوية ولا رفاهية أن يفتح الطالب كتابه بيمينه أو بيساره فالمشهد لا يحتمل أي حركة من طالب يجلس في غرفة مع 140 آخرين ..
لدينا معلم يشكو ضيق العيش ويضطر للعمل على توك توك أو قهوجي أو مربوط في ساقية الدروس الخصوصية أملا في أن يعيش حياة كريمة فيسرقه العمر ويلقى ربه دون أن يلتقي كريمة التي يبحث عنها ..
لدينا مليون و200 ألف معلم .. سن الشباب فيهم خريج 1998 لم يحصل على أي تدريب منذ تعيينه وإن حدث فهي تدريبات نظرية لا تختلف كثيرا عما درسه في الجامعة من مناهج تخاصم الواقع .. لدينا تخصصات في ديوان الوزارة ودواوين المديريات والإدارات التعليمية يحار العقل في استيعابها .. لكنها مجرد مسميات وتستيف أوراق ..
لدينا أزمة في توزيع حلاوة المولد أمس الأول على موظفي ديوان وزارة التربية والتعليم .. ناس أخدت كراتين وناس أخدت 12 علبة وناس اشتركوا كل 10 في علبة 45 قطعة .. بينما حضرتك كنت مشغول في إجتماع «جرّة» القلم مع مديري المديريات ووكلاء المديريات ومسئولو المتابعة .. كانت هناك أزمة في توزيع حلاوة المولد ..
السيد وزير التربية والتعليم .. التعامل مع الأزمات بـ «جرّة قلم» انفعال غير مطلوب من المسئول في أحيان كثيرة وليس له علاقة بحل الأزمة .. الأزمات تتطلب مرونة وتعاون ودعم .. ورما الأزمات تحتاج «جرّة مية» ساقعة أكثر من حاجتها لـ «جرّة» قلم خاصة عندما تكون أزمات موروثة وعلاجها يتطلب وقتا طويلا ومرهون بعوامل: ليس في الإمكان أبدع مما كان ..
السيد وزير التربية والتعليم مطلوب من حضرتك أن تعيد للمعلم الأمان وتمنح المسئول الثقة في نفسه وفي قراراته وتحاسبه حال تقصيره وألا ترهبه لمجرد أن جماعات المصالح منزعجة من أن مسئول اقترب من مصالحها ورجالها .. مطلوب من حضرتك أن تعيد ثقة الطالب في مدرسته وفي أستاذه .. عايزين تعليم زي زمان لما كانت مصر منارة التعليم في العالم ..
الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم السابق كان حكيم في التعامل مع الأزمات وتحمل ما لا تقوى عليه الجبال لكنه يوما لم يلجأ إلى نموذج «جرّة» القلم ليرهب بها قيادات التربية والتعليم .. وحضرتك نموذج للأخلاق والهدوء .. نتمنى أللا تفقد هدوءك فأمامك مشوار طويل والملايين يعلقون آمالا كبيرة على حضرتك ..